الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام (نسخة منقحة)
.تفسير الآية رقم (32): {وَأَنكِحُواْ} خطاب للأولياء، أو للأزواج أن يتزوجوا ندباً عند الجمهور أو إيجاباً {الأَيَامَى} المتوفى عنها زوجها، أو من لا زوج لها من الثيب والأبكار، رجل أيم وامرأة أيم {وَالصَّالِحِينَ} أنكحوا الأيامى بالصالحين من رجالكم، أو أمر بإنكاح العبيد والإماء كما أمر بإنكاح الأيامى {فُقَرَآءَ} إلى النكاح يغنهم الله به عن السفاح، أو فقراء من المال يغنهم الله تعالى بقناعة الصالحين، أو باجتماع الرزقين {وَاسِعٌ} الغنى {عَلِيمٌ} بالمصالح، أو واسع الرزق عليم بالخلق. .تفسير الآية رقم (33): {فَكَاتِبُوهُمْ} ندباً، أو وجوباً إذا طلب العبد {خَيْراً} قدرة على الاحتراف والكسب (ع) أو مالاً، أو ديناً وأمانة، أو وفاءً وصدقاً أو الكسب والأمانة. {وَءَاتُوهُم} من الزكاة من سهم الرقاب أو بحط بعض نجومه ندباً، أو إيجاباً فيحط ربعها، أو سهماً غير مقدر (ع)، كان لحويطب بن عبد العزى عبد سأله الكتابة فامتنع فنزلت، {فَتَيَاتِكُمْ} الإماء {الْبِغَآءِ} الزنا {تَحَصُّناً} عفة {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} لا يتحقق الإكراه إلا عند إرادة التحصن لأن من لا تبغي التحصن تسارع إلى الزنا بغير إكراه، أو ورد على سبب فخرج على صفة السبب وليس بشرط فيه كان ابن أُبَيِّ يُكره أمته على الزنا فزنت ببرد فأخذه وقال: ارجعني فازني على آخر فقالت: لا والله وأخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت. وكان ذلك مستفيضاً من عادتهم طلباً للولد والكسب {لِّتَبْتَغُواْ} لتأخذوا أجورهن على الزنا {غَفُورٌ رَّحِيمٌ} للمُكْرَهات دون المُكْرِهين. .تفسير الآية رقم (35): {نُورُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ}: هاديهما أو مدبرهما، أو ضياؤهما أو مُنَوِّرهما؛ نَوَّر السماء بالملائكة والأرض بالأنبياء، أو السماء بالهيبة والأرض بالقدرة، أو نَوَّرهما بالشمس والقمر والنجوم {مَثَلُ نُورِهِ} نور المؤمن في قلبه، أو نور محمد صلى الله عليه وسلم في قلب المؤمن، أو نور القرآن في قلب محمد صلى الله عليه وسلم أو نور الله تعالى في قلب محمد صلى الله عليه وسلم، أو قلب المؤمن {كَمِشْكَاةٍ} كُوَّة لا تنفذ و{الْمِصْبَاحُ} السراج، أو قنديل والمصباح: الفتيلة، أو موضع الفتيلة من القنديل وهو الأنبوب والمصباح: الضوء (ع)، أو السلسلة والمصباح: القنديل، أو صدر المؤمن والمصباح: القرآن الذي فيه والزجاجة قلبه والمشكاة، حبشي معرَّبٌ، {الْمِصْبَاحٌ فِي زُجَاجَةٍ} القنديل؛ لأنه فيها أضوأ قاله الأكثرون، أو المصباح القرآن والإيمان والزجاجة قلب المؤمن {كَوْكَبٌ} الزهرة، أو كوكب غير معين عن الأكثر {دُرِّيء} يشبه الدر في صفاته، دُرِّيٌ: مضيء، دِرِّيءٌ: متدافع قوي الضوء من درأ دفع، دِرِّيٌّ: جارٍ درأ الوادي إذا جرى، والنجوم الدراري الجواري {شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ} إبراهيم عليه الصلاة والسلام، والزجاجة: محمد صلى الله عليه وسلم، أو صفة لضياء دهن المصباح {مُّبارَكَةٍ}؛ لأنها من زيتون الشام وهو أبرك من غيره، أو لأن الزيتون يورق غصنه من أوله إلى آخره {لا شَرْقِيَّةٍ} ليست من شجر الشرق ولا من شجر الغرب لقلة زيت الجهتين وضعف نوره ولكنها من شجر ما بينهما كالشام لاجتماع القوتين فيه، أو لا شرقية تستتر عن الشمس عند الغروب ولا غربية تستتر عنها وقت الطلوع بل هي بارزة من الطلوع إلى الغروب فإنه أقوى لزيتها وأضوأ، أو هي وسط الشجر لا تنالها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت وذلك أجود لزيتها، أو ليس في شجر الشرق ولا في شجر الغرب مثلها، أو ليست من شجر الدنيا التي تكون شرقية، أو غربية، وإنما هي من شجر الجنة (ح) أو مؤمنة ليست بنصرانية تصلي إلى الشرق ولا يهودية تصلي إلى الغرب، أو الإيمان ليس بشديد ولا لين؛ لأن من أهل الشرق شدة وفي أهل الغرب لين {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} صفاؤه كضوء النهار {وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} أو يكاد قلب المؤمن يعرف الحق قبل أن يُبين له، أو يكاد العلم يفيض من فم المؤمن العالم قبل أن يتكلم به (ح) أو تكاد أعلام النبوة تشهد للرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يدعو إليه {نُّورٌ عَلَى نُورِ} ضوء النار على ضوء الزيت على ضوء الزجاجة، أو نور النبوة على نور الحكمة، أو نور الرجاء على نور الخوف، أو نور الإيمان على نور العمل، أو نور المؤمن هو حجة لله يتلوه مؤمن هو حجة لله حتى لا تخلو الأرض منهم، أو نور نبي من نسل نبي {لِنُورِهِ} نبوته، أو دينه، أو دلائل هدايته {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} هذا مثل ضربه للمؤمن في وضوح الحق له وفيه، أو ضربه لطاعته وسماهما نوراً لتجاوزهما عن محلهما، أو قالت اليهود يا محمد كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله تعالى ذلك مثلاْ لنوره (ع). .تفسير الآية رقم (36): {بُيُوتٍ} المساجد (ع)، أو سائر البيوت {تُرْفَعَ} تُبْنَى، أو تطهر من الأنجاس والمعاصي، أو تعظم، أو ترفع فيها الحوائج إلى الله تعالى {وَيُذْكَرَ فِيهَا أسْمُهُ} يتلى كتابه (ع)، أو تذكر أسماؤه الحسنى، أو توحيده بأن لا إله غيره، {فِى بُيُوتٍ} متعلق بقوله كمشكاة، أو بقوله تعالى (يسبح) {يُسَبِّحُ} يصلي له (ع) أو ينزهه {وَالأَصَالِ} العشايا. .تفسير الآية رقم (37): {تِجَارَةٌ} التجار: الجلاب المسافرون، والباعة: المقيمون. {عَن ذِكْرِ اللَّهِ} بأسمائه الحسنى، أو عن الآذان {تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} على جمر جهنم، أو تتقلب أحوالها بأن تلحقها النار ثم تنضجها ثم تحرقها، أو تقلب القلوب: وجيبها وتقلب الأبصار نظرها إلى نواحي الأهوال، أو تقلب القلوب: بلوغها الحناجر وتقلب الأبصار الزُّرق بعد الكُحْل والعمى بعد الإبصار، أو يتقلب قلب الكافر عن الكفر إلى الإيمان ويتقلب بصره عما كان يراه غيَّاً فيراه رشداً. .تفسير الآية رقم (38): {بِغَيْرِ حِسَابٍ} بغير جزاء بل يبتديه تفضلاً، أو غير مقدر بالكفاية حتى لا يزيد عليها، أو غير قليل ولا مضيق، أو غير ممنون به. .تفسير الآية رقم (39): {كَسَرَابٍ}: هو الذي يتخيل لرائيه أنه ماء جارٍ والآل مثله إلا أنه يرتفع عن الأرض ضُحى حتى يصير كأنه بين السماء والأرض، وقيل السراب بعد الزوال والآل قبل الزوال، والرقراق بعد العصر {بِقِيعَةٍ} جمع قاع كجيرة وجار وهو ما انبسط من الأرض واستوى. مثل مضروب لاعتماد الكافر على ثواب عمله فإذا قدم على الله تعالى وجد ثوابه حابطاً بكفره ووجد أمر الله عند حشره، أو وجد الله تعالى عند عرضه، نزلت في شيبة بن ربيعة ترهّب في الجاهلية ولبس الصوف وطلب الدين وكفر في الإسلام. .تفسير الآية رقم (40): {كَظُلُمَاتٍ} ظلمة البحر وظلمة السحاب وظلمة الليل {لُّجِّىٍّ} واسع لا يرى ساحله، أو كثير الموج، أو عميق، ولجة البحر: وسطه {لَمْ يَكَدْ} لم يَرَهَا ولم يكد قاله الزجاجَ، أو رآها بعد أن كادَ لا يراها، أو لم يطمع أن يراها، أو يكاد صلة {وَمَن لًّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً} سبيلاً إلى النجاة فلا سبيل له إليها، أو من لم يهده الله إلى الإسلام لم يهتدِ إليه. مثل للكافر والظلمات ظلمة الشرك وظلمة الشك وظلمة المعاصي، والبحر اللجي قلبه يغشاه موج عذاب الدنيا من فوقه موج عذاب الآخرة. .تفسير الآية رقم (41): {صَآفَّاتٍ} مُصْطفة الأجنحة في الهواء {صَلاتَهُ} الصلاة: للإنسان والتسبيح: لسائر الخلق، أو هذا في الطير؛ ضرب أجنحتها صلاة وأصواتها تسبيح، أو للطير صلاة لا ركوع فيها ولا سجود، قاله سفيان، علم الله صلاته وتسبيحه، أو علمها هو. .تفسير الآية رقم (43): {يُزْجِى} يسوق {رُكَاماً} يركب بعضه بعضاً {الْوَدْقَ} البرق يخرج من خلال السحاب، أو المطر عند الجمهور {مِن جِبَالٍ} أي في السماء جبال بَرَد فينزل من السماء من تلك الجبال ما يشاء من البرد، أو ينزل من السماء بَرَداً يكون كالجبال، أو السماء: السحاب والسماء صفة للسحاب سُمي جبالاً لعظمته فينزل منه برداً {سَنَا بَرْقِهِ} صوت برقه، أو ضوؤه، أو لمعانه. .تفسير الآية رقم (44): {يُقَلِّبُ اللَّهُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ} بتعاقبهما، أو بنقص كل واحد منهما وزيادة الآخر، أو يغير النهار بظلمة السحاب تارة وبضوء الشمس أخرى ويغير الليل بظلمة السحاب تارة وبضوء القمر أخرى. .تفسير الآية رقم (45): {مِّن مَّآءٍ} النطفة، أو أصل الخلق كله الماء ثم قلب إلى النار فخلق منها الجن وإلى الريح فخلق منها الملائكة وإلى الطين فخلق منه ما خلق {عَلَى بَطْنِهِ} كالحوت والحية {عَلَىَ رِجْلَيْنِ} كالإنسان والطير {عَلَى أَرْبَعٍ} كالأنعام ولم يذكر ما زاد لأنه كالماشي على أربع لأنه يعتمد في مشيته على أربع. .تفسير الآية رقم (48): {مُّعْرِضُونَ} كان بين بِشْر المنافق وبين يهودي خصومة فدعاه اليهودي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا بشر إلى كعب بن الأشرف؛ لأن الحق إذا توجه على المنافق دعا إلى غير الرسول صلى الله عليه وسلم ليسقط عنه وإن كان الحق له حاكم إليه ليستوفيه له فنزلت {وَإِذَا دُعُواْ}. .تفسير الآية رقم (49): {مُذْعِنِينَ} طائعين، أو خاضعين، أو مسرعين، أو مقرين. .تفسير الآية رقم (50): {مَّرَضٌ} شرك، أو نفاق. .تفسير الآية رقم (54): {مَا حُمِّلَ} من إبلاغكم {مَّا حُمِّلْتُمْ} من طاعته {تَهْتَدُواْ} إلى الحق {الْبَلاغُ} بالقول للطائع وبالسيف للعاصي. .تفسير الآية رقم (55): {الأَرْضِ} بلاد العرب والعجم، أو أرض مكة؛ لأن المهاجرين سألوا الله تعالى ذلك {الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} بنو إسرائيل في أرض الشام، أو داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ} بإظهاره على كل دين {لا يُشْرِكُونَ} لا يعبدون إلهاً غيري، أو لا يراؤون بعبادتي، أو لا يخافون غيري (ع)، أو لا يحبون غيري. قيل هي في الخلفاء الأربعة. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «الخلافة بعدي ثلاثون». .تفسير الآية رقم (58): {الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء يستأذن في الأوقات الثلاث خاصة ويستأذن الرجال في جميع الأوقات، أو العبيد والإماء فيستأذن العبد دون الأمة على سيده في هذه الأوقات، أو الأمة وحدها؛ لأن العبد يلزمه الاستئذان في كل وقت (ع)، أو العبد والأمة جميعاً {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ الْحُلُمَ} الصغار الأحرار فإن كان لا يصف ما رأى فليس من أهل الاستئذان وإن كان يصفه فيستأذن في الأوقات الثلاث ولا يلزمهم الاستئذان فيما وراء الثلاث. وخُصَّت هذه الأوقات لخلوة الرجل فيها بأهله وربما ظهر منه فيها ما يكره أون يرى من جسده. وبعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عمر رضي الله تعالى عنه وقت القائلة غلاماً من الأنصار فدخل بغير إذن فاستيقظ عمر رضي الله تعالى عنه بسرعة فانكشف منه شيء فرآه الغلام فحزن عمر رضي الله تعالى عنه لذلك وقال: وددت أن الله تعالى بفضله نهى أن يدخل علنيا في هذه الساعات إلا بإذننا فانطلق إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فوجد هذه الآيات قد نزلت فخر ساجداً. {ثَلاثُ عَوْرَاتٍ} لما اشتملت الساعات الثلاث على العورات سماهن عورات إجراءً لعورات الزمان مجرى عورات الأبدان فلذلك خصها بالإذن {لَيْسَ عَلَيْكُمْ} جناح في تبذلكم في هذه الأوقات، أو في منعهم فيها {وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ} في ترك الاستئذان فيما سواهن. {طَوَّافُونَ عَلَيْكُم} بالخدمة فلم يُحرَّج عليهم في دخول منازلكم، والطوَّاف: الذي يكثر الدخول والخروج.
|